كيف تسعف مصاباً بالصرع؟
د. سامي القباني
الصرع epilepsy هو حالة مرضية مزمنة تحتل المكان الرابع بين الشكاوى العصبية من حيث الشيوع، وتتصف بقابلية المصاب للوقوع بنوبات عصبية أو اختلاجية متكررة. أكثر ما تحدث نوبات الصرع لدى الأطفال والمتقدمين في السن، لكنها يمكن أن تصيب الإنسان في أي عمر، وهناك أنواع مختلفة من نوبات الصرع (يقسمها الأخصائيون إلى نوبات شاملة ونوبات جزئية) تشترك كلها في وجود خلل يصيب فعالية الدماغ الكهربائية. وقد تنجم نوبات الصرع من مرض باطني (كانخفاضٍ كبيرٍ في سكر الدم، أو تأثيرٍ جانبي لبعض العقاقير)، أو مرض في الدماغ (كحادث وعائي أو ورم دماغي، أو أذية أصابت الرأس أو التهاب السحايا)، والبعض له أسباب وراثية، ولكن معظم الحالات لا يُعرف لها أي سبب. ويمكن تشخيص حالات الصرع واكتشاف أسبابها عن طريق الاستجواب والفحص الطبي، وذلك بالإضافة للتحاليل المخبرية وتخطيط الدماغ ودراسات دماغية متقدمة أخرى كالرنين المغناطيسي. ومع أن الكثير من أنواع نوبات الصرع معتدل وقد لا يتجاوز رجفان اليد أو الحملقة لبرهة في الفضاء، إلا أن أشهر أنواعها (وأهمها من الوجهة الصحية) هو نوبات الصرع الكبير grand mal seizures التي يفقد فيها المصاب وعيه، ويُصاب فيها بنوبات تشنجية/اختلاجية تشمل الجسد كله. * أعراض الصرع الكبير وعلاماته تحدث نوبة الصرع الكبير بصورة غير متوقعة غالباً، ولكن قد يشعر المصاب قُبيل النوبة “بنسمة aura”، وهي كناية عن مجموعة مشاعر تنذره بوشوك وقوع النوبة، وتختلف النسمة المنذرة بين شخص وآخر، فقد تكون بمثابة رائحة خاصة، أو مذاق غريب، أو تبدل في المزاج، ولا تدوم النسمة إلا بضع لحظات. * وصف النوبة: – يفقد المصاب وعيه فجأة ويسقط على الأرض، وقد تندّ عنه صرخة غريبة. – يتصلّب جسمه لبضع ثوان وقد يتوقف تنفسه لحظات، وكذلك يحتقن وجهه وعنقه وتتلون شفتاه بالزرقة. – بعدها تسترخي عضلاته، ثم يأخذ بالتشنج والتخبط. – في مرحلة التشنج والتخبط هذه، التي قد تستغرق بضع دقائق، يصبح تنفس المصاب عسيراً، ويصدر أصواتاً عالية من بين فكيه المطبقين بإحكام، وقد يخرج الزبد من فمه مختلطاً ببعض آثار الدم إذا عضّ لسانه أو شفتيه أثناء النوبة، وقد يفقد سيطرته على مثانته أو أمعائه. – أخيراً، ترتخي عضلات المصاب بشكل كامل، مع أنه يبقى فاقداً وعيه لبضع دقائق أو أطول من ذلك.
* بعد انتهاء النوبة: يستعيد المصاب وعيه بعد حوالى خمس إلى عشر دقائق، ويعود تنفسه للحالة الطبيعية، لكنه قد يبقى مضطرباً مأخوذاً ويأتي بتصرفات غريبة لفترة قد تصل إلى حد الساعة، وكثيراً ما يرغب في الراحة والهدوء والنوم. * مضاعفات الصرع الكبير إن الصرع الكبير لا يؤدي من ذاته إلى أذى دائم للدماغ، وذلك ما لم تحدث للمصاب نوب اختلاج (تخبط) متكررة، تدوم فترة طويلة (وهو احتمال نادر جداً)، إلا أنه قد يتعرض المصاب لمضاعفات الوقوع على الأرض وحصول كسور عظمية إن لم يكن مع المريض مرافق له في وقت بدء النوبة، أو أنه قد يتعرض لحوادث السير أثناء قيادة السيارة، أو يتعرض للغرق إذا وقعت النوبة أثناء السباحة، كما أن الحامل المصابة بالصرع قد تكون عرضة لتشوهات الجنين بسبب الأدوية المضادة للصرع. أخيراً، فإن المصاب بالصرع لا بد أن يعاني من اضطرابات نفسية بسبب إصابته، تتراوح بين القلق المزمن والاكتئاب، وقد تصل في الحالات النادرة إلى الرغبة في الانتحار. * كيف تتم معالجة نوبات الصرع؟ إذا عُرف سبب الصرع، فقد يتمكن الطبيب من تطبيق المعالجة الشافية، لكن معظم الحالات تحتاج للمعالجة بالأدوية المضادة للصرع (AED’s)، وهذه الأدوية لا تشفي المريض كلياً، لكن يمكن أن يمنع الطبيب بوساطتها حدوث النوبات في معظم المصابين. وقد تفيد الجراحة في حالات قليلة من الصرع، وذلك بالتخلص من البؤرة الدماغية المسببة لنوبات الصرع، أو عن طريق زرع جهاز كهربائي يتحكم في نوبات الصرع. ويتوقع أن يستطيع الطبيب التحكم بنوبات الصرع بواسطة طرق العلاج الحديثة في حوالى 80 في المائة من الحالات. وبغض النظر عن طريقة العلاج، فإنه، ومن أجل الوقاية من حدوث النوبات، يُنصح مرضى الصرع، بالمحافظة على تغذية صحية، وإجراء التمارين الرياضية اليومية، وأخذ قسطهم الكافي من النوم. * إسعاف المصابين بالصرع الكبير يتركز الهدف من إسعاف المصاب بالصرع الكبير، بشكل أساسي في حمايته من أذى نفسه أثناء حدوث النوبة، وبذل العون له لاستعادة وعيه.
* ما تفعله بعد انتهاء النوبة – معظم المصابين يستسلمون لنوم عميق بعد انتهاء النوبة الاختلاجية، فاترك المصاب ينام في وضع مريح.
– إذا اشتبهت بحدوث كسر في عمود المصاب الفقري من أثر السقوط، فاعمد إلى دحرجته على جنبه، محتفظاً باستواء ظهره وعنقه. – إذا تقيأ المصاب، فاحرص على إبقاء مسالكه التنفسية مفتوحة. – إذا رافق النوبة ارتفاع في درجة الحرارة، فاتخذ الخطوات اللازمة لتخفيض حرارة المصاب. – إذا كان المصاب قد تهاون في تناول عقاقيره المضادة للنوبات، فساعده على تناولها بعد استرداد وعيه تماماً.
* مبادئ إسعاف المصاب أثناء النوبة
– إذا كنت على مقربة من المصاب عند إحساسه بدنو النوبة أو عندما يأخذ في التهاوي إلى الأرض، فحاول أن تحميه من أذى نفسه عن طريق القيام بسنده، ثم تمديده على الأرض بعيدا عن مواطن الخطر.
– وسع ما حوله، وأبعد قطع الأثاث وكل ما هو حاد أو قاطع عن المنطقة، وضَعْ إلى جانبه وتحت رأسه وسائد لينة لحمايته أثناء اختلاجات النوبة. – فك أزرار ثيابه حول العنق والصدر.
– أبق المصاب في مكانه إلا إذا كان هناك خطر من بقائه فيه. ** “لاءات” في إسعاف المصاب بنوبة الصرع – لا تحاول كبح اختلاجات المصاب أثناء النوبة أو تقييد حركاته. – لا تضع شيئا بين أسنان المصاب أثناء النوبة (بما في ذلك أصابعك).
– لا تحرك المصاب من مكانه، ما لم يكن هناك خطر من بقائه فيه.
– لا تحاول “إيقاظ” المصاب، إذ إنه لا يستطيع ذلك. – لا تجرب طريقة التنفس الاصطناعي معه، حتى ولو تلون وجهه بالزرقة.
– لا تعطه أي طعام أو شراب حتى يعود إلى كامل وعيه.
– لا تطلب سيارة الإسعاف إلا إذا تعرض المصاب لعدة نوبات متلاحقة أو إذا دام فقدان وعيه لأكثر من ربع ساعة (وهذا أمر نادر الحدوث). * اختلاج الرضع والأطفال كثير من اختلاجات الأطفال تأتي من ارتفاع درجة الحرارة بسبب مرض خمجي (عدوى)، عادة في الحلق أو الأذن، ومع أن هذه الاختلاجات كثيراً ما تثير هلع الوالدين، إلا أنها قلما تكون خطرة، وقد يصاب الأطفال بالصرع. وكثيراً ما يُشفى الأطفال المصابون بالصرع من مرضهم بمزيج من الحمية المولدة للكيتونات ketogenic (الغنية بالشحوم والفقيرة بالفحمائيات)، والأدوية المضادة للصرع، وذلك مع تخطيهم مرحلة الطفولة.
* أعراض الاختلاجات
– كثيراً ما تكون درجة الحرارة مرتفعة فوق 40 درجة مئوية عادة، مع ازدياد في التعرق و”تورد” الوجه. – انقباض عضلات الوجه والأطراف.
– “الحَوَل” أو تقلب العينين بين الحين والآخر. – احتقان الوجه والعنق. – قد يحبس الطفل أنفاسه.
– قد يحدث تصلُّب يرافقه تحدّب في الظهر. – قد يخرج الزبد من فم الطفل. * إسعاف الطفل المختلج – اضمن استمرار حصول الطفل على هواء نقي. – قم بفك أزرار الثياب حول عنقه وصدره. – أوجد فسحة حوله إن كانت اختلاجاته عنيفة.
– إذا كانت حرارة الطفل مرتفعة، برّد جسم الطفل عن طريق رفع أغطية السرير عن جسمه أو نزع ثيابه. وامسح جسده بفوطة أو اسفنجة مبتلة بماء فاتر، ابتداء من الرأس، ونزولاً لأسفل الجسم، لكن تجنب تبريد جسم الطفل لدرجات منخفضة جداً.
– طمئن والدي الطفل، واطلب منهما عرضه على الطبيب.